[x] اغلاق
إيـاد... مُقاوم تيّار المستحيل
8/9/2021 7:47

إيـاد... مُقاوم تيّار المستحيل

بقلم: مارُون سامي عزّام

رغم كل ما يعانيه مجتمعنا العربي عامّة، والشفاعمري خاصّة، من أزمات الفلتان الأخلاقي، العنف السّلوكي والمخالفات الجنائيّة، إلاّ أن شفاعمرو عاشت وما زالت تعيش هدنة فرَح غير مسبوقة... تعيش نشوة تفاعل وانبهار، لم تعِشها منذ سنوات عديدة، وهي فوز السّبّاح الشفاعمري القدير، إياد شلبي بميداليّتين ذهبيّتَين، في أولمبياد المعاقين في طوكيو بكل جدارة.

تابعت عن كثب التغطيّة الإعلامية للصحافة الإسرائيليّة المرئيّة والمقروءة، وأيضًا للإعلاميين المحلّيين الرّاصدين لأي حدث، عبر مواقعهم المنتشرة على مواقع التواصل، التي ما زالت تحتفل مع عائلة إياد بهذه المناسبة ليس فقط المحليّة، بل العالميّة. لقد استطاع إياد أن يضع شفاعمرو على مسار العالميّة، التي حقّقها أخيرًا، بفضل دعم والده الأخ يوسف، مانحًا نجله الرّعاية والاهتمام، والأهم المعنويّات العالية، التي أكسَبَت إياد طاقات كفاح ومثابرة وهمم من التفاؤل، أهّلته الوصول إلى هذا الإنجاز المدهش.

الاستقبال المهيب الذي استُقبِلَ به إياد عند عودته إلى البلاد، وتحديدًا إلى شفاعمرو، وهذه الموجة العارمة من الحب التي جعلت كل السكّان تهُب لرفعه على أكتاف النّصر، منحت إياد شعورًا بأنه صنع مجده الرّياضي بساعِده، رغم الإعاقة التي يعاني منها، وأنا أقولها من هنا، إياد لا يشعُر بأنه معاق، بل يشعر أنه إنسان تفوّق على الكثيرين في المجتمع، ممّن يؤمنون بنظريّة التقليل من شأن المعاقين وإحباط عزائمهم. 

البطل إياد فنّد هذه النظريّة المشوّهة عن هذه الفئة القديرة من المجتمع، استطاع كسر التنميط الذي عانى منه المعاقون في شفاعمرو، وهنا أخُص إدارة البلدية التي تُهمل احتياجاتهم الأساسيّة... تتعامى عن حل مشكلة الإتاحة في مبانيها ومؤسّساتها... تتغاضى عن تطبيق القوانين الخاصّة بالمعاقين، كلّي أمل بعد تلاشي بهجة فرحنا بإياد، بأن تسعى إدارة البلدية الحاليّة لتصحيح أخطائها، والعمل الجاد على تنفيذ وعودها، بتحسين البنى التحتيّة، التي تجاهلتها الإدارة السّابقة، حينها وزّعت على المعاقين سندات أمل ليس لها صلاحيّة تنفيذيّة.

التّحدّي الذي قبله إياد شلبي لم يكُن سهلاً، إذ تحدّى عوائق إعاقته الجسديّة، التي لم تمنعه أبدًا من تحقيق حلمه، بل منحته امتيازًا معنويًّا عاليًا، واعتبارًا شخصيًّا لا يوصف، جعلته محط اهتمام العالم الغربي، حتّى محرّك البحث جوجل، وضع اسم إياد باللغات الثلاثة، العربيّة والعبريّة والإنجليزيّة، هكذا أصبح ضِمن الشخصيات المتداولة على موقعها، برأيي هذا أيضًا إنجاز رائع آخر يُحسَب لإياد. 

إعاقة إياد لم تمنعه من المساهمة محليًّا، بإعلاء الشأن الرّياضي الشفاعمري المتدهور، الأهم من كل ذلك أنه كان قادرًا وواثقًا من قدرته على تحدّي رياضيين عالميين في مسابقة دوليّة، فيها مئات المتسابقين من مختلف دول العالم. ليس بالأمر السّهل أن ينال إياد ميداليّتين ذهبيّتَين في هذا الأولمبياد، فهو استطاع أن يُثبِت لنا، بأن لياقته البدنيّة العاليّة، قادرة أيضًا على السّباحة ضد تيّار المستحيل. هنيئًا لإياد هذا الفوز، لأنّه صار مثالاً ومحفّزًا للمعاقين، على الخروج من عزلتهم المجتمعيّة، كي يسعوا وراء طموحهم دون تردّد...    

قد تكون صورة لـ ‏‏شخص واحد‏ و‏منظر داخلي‏‏