[x] اغلاق
حبيبي... دائمًا!
22/9/2021 6:19

حبيبي... دائمًا!

بقلم: مارون سامي عَزّام

بينما كنت جالسة ونافذة أملي مشرعة، لمحت ذكرياتي الجميلة التي قضيتها برفقتك، تُطل علي... وصفير أفكاري لا يدع جفوني تُقبّل راحتَي عينيَ. بعد هنيهةٍ سمعت صوت أقدام تقرع وجه الأرض، تخطو نحوي، فظننتك أنت يا فارس عمري. 

تربصت بها بكل حواسي، لكنها لم تكن أنت، بل ساعي البريد الذي حيّاني ومضى، استوقفته سائلةً: "مهلاً مهلاً أيها الساعي، ألا تحمل لي معك رسالةً لي؟ فأجابني: "لا يا لم يصلك أي شيء اليوم."، وراح مستئنفًا جولته البريديّة، يجوب أروقة حارتي متممًّا مَهمَته، قارعًا أبواب بيوت الجيران... موزّعًا عليهم الرسائل، كبائع متجول، يريد التخلص من حمله الثقيل. ألقيت جسدي فوق سريري، نافضةً عن عقلي غبار الظنون... 

كانت الغبطة في ذلك النّهار تضم باقة انتظاري، استنشقت عِطر اشتياقي إليكَ. عرفت أنّني نزيلة أفكارك المفضلة، في مأوى إبداعاتك الرّاقي، الذي يُطِلُّ على بحر شوقك إليَّ... تنسج لي نسيج وفاء، منسوج بخيوط الأمان، لتبعث الراحة في ناظريّ؟       

تعال حبيبي، ليهرب ضجري، كهروب الليل من شمس النهار الكاوية، تعال ورصِّع قلبي بأثمن جواهر حروف اللغة العربية. كم تُرهق مداد أفكارك، باحثًا عن كلمات تليق بي، ترصف الكلمة بجانب الأخرى بتروٍّ، كفسيفساء عشق تاريخية، لا مثيل لها... تارةً تصِف مراحل عذابك في بعادي عنكَ... تارة تناضل لتحميني من نزوات المعجبين، الذين يلاحقونني... ابصم آثار كلماتك على طريق غدنا، ودعها تحبني أكثر فأكثر، لتتوهج خواطرك في تنّور عقلي، لأتلذّذ بالدفء الآتي من صوبك. 

حبيبي، هل توقفك عن الكتابة لي مخافة أن يشك بك أحد؟! أو تخشى أن يعرفوا درب مصب دواة ريشتك الذي يجري في مجرى تناغمنا؟ رجاءً لا تَفزع من عيون المتربصين لروائع كتابتك. حبنا أكبر منهم، فهو مارد يراهم أقزامًا، يدُورون حول دائرة غيرَتهم النّارية المغلقة، وكُلّما نثروا ثرثراتهم حولها، تزداد اشتعالاً، فترتفع حولهم ألسنة نيران الحسد، لتُحرِق أكوام شائعاتهم. 

هؤلاء المتربصون لا يستحقّون اهتمامنا، أتوسل إليك ألاّ تتركني أعاني من آلام حبكَ في وحدتي... لا تجعل قلبي يذوي. صرت أتوجس من كل حركةٍ تُزعِجُ الصمت الراقد في رحاب بيتي الذي يبدو خاليًا بدون عجيج كلامك الحميم الذي يوقظ رقاد صمتي. أتعلَم أني أحبك منذ لقائنا في معرض الحياة، يومها شاهدنا عدة لوحات عن الأيّام، منها الهادئة ومنها المبهجة ومنها المريبة، فخفتُ أن تنعكس علينا يومًا ما. 

أنا أُدرك جيِّدًا أنك ترى العديد من المعجبات الحسناوات، لكنك لم تُعجَب إلاّ بي. جعلتَني مصدر وحيك وعقرب إيقاع إبداعاتك، الذي بقي منتظمًا، لا يخربط أبدًا، ملتزمًا بكرّاس نوتة موسيقى الحنين... أخذ خيالك مجاميع قلبي، وتراقصت على إيقاعك الرّاقص، كمؤشّر إيجابي على أنك ما زلت متمسّكًا بحبّي بقوّة... لذا ثق أنك ستبقى متربعًا فوق عرشي، لأنك حبيبي... دائمًا وأبدًا!

(شفاعمرو)