[x] اغلاق
للحب نهاية أخرى!!
10/3/2022 11:16
للحب نهاية أخرى!!

بقلم: مارون سامي عزّام

منذ أن كنتُ فتى في الحي، أقسمنا وتلك الفتاة التي سكنت بجواري، ألاّ نفترق عن بعض... باختصار عشتُ معها دور الحبيب دون أن أخرج عن نصه المعروف، درست الدَّور جيِّدًا بأدقّ تفاصيله، وكانت صاحبة الدور الرئيسي في مشاهد التّشويق الطُّفوليَّة... لقد أدّيتُ دوري ببراعة وإتقان، جعلَتني أعيش معها هذا الدور البطولي، بسذاجة متناهية.

كتبتُ لها نص القصّة التي لم تكتمِل، فكان مُفَصّلاً على مقياس نجوميّتها، حتّى باتت شخصيّة محوريَّة فيها، وبدونها ستفقد حكاية حبِّنا رونقها. في هذه القصّة، لم نسند الأدوار الثانوية لقلبينا، بل كانا البطلان اللذان ساندانا طوال مدّة القصّة. لقد كانت طفولتنا المسرح الفَتِيّ، الذي حمل جميع هذه العناصر، وما أروعه من موقع، إذ شَهِد على عدّة مشاهد أجرينا عليها عدّة بروفات معًا على مسرح طفولتنا في الحي... خلال فترة الاستراحة تهامسنا في كواليس موقع حكايتنا، عن مصير مستقبل حبنا.

عقلانا كانا مُخرجَا قصّتنا، فمنعانا في تلك الفترة المزدهرة بالوِد، من الوقوع في أخطاء خارجة عن نَص مصيرنا... أقسمنا أن نحترم العقد الذي وقَّعنا عليه، كي نبقى أمام عدسة النّصيب التي لمعَت بالحظّ، ملتزمَين بالنّص. بقيت متفائلاً بأن قصّة حبّنا ستترُك انطباعًا جدّيًّا لديها، لذا قمتُ في تلك الفترة بكتابة ملخَّص قصَّتنا على ورقة بيضاء، منذ أن بدأت تتبلور حكاية حبِّنا، معتقدًا أنها تركت بصمة إيجابيَّة على تفكيرها!!... متأكّدًا بأن وفاءها لي، ما زال ساري المفعول، حتّى بعد انتهاء فترة انتداب المراهقة على طفولتنا!!

كبُرنا... ودار بنا دولاب الأيام بسرعة، بقيت محتفظًا بالورقة، إكرامًا لعلاقتنا... التقيتُ بها في مكان ما، وقلت لها: "ألم يحِن الوقت لنرفع السِّتار عن حبنا، لندعه واقعًا؟!"، أجابتني قائلةً: "أما زلتَ تحتفظ بهذه الورقة؟! ألا تَعْلَم أنها لم تعُد تلائم عصرنا الحالي، إنّها تصلُح أكثر لعصر حكاية حبنا الطفولي، لقد فقدت صلاحيّة التّوافُق الفكري الذي كان بيننا، واليوم تغيّر مفهومي للحب، ونضُج تفكيري، فتعرَّيتُ من ثياب مراهقتي، ولبست ثياب حرِّية الرّأي، الملوّنة بألوان فكريّة متعدِّدة، تتماشى مع عقليّتي الباحثة عن حدود مستقبلي في خريطة الحياة". لم أُدرِك أبدًا أن رفيقتي ستُنكر فحوى ورقتي مع مرور السّنين، ولكن بعد أن سمعتُ ردَّها الصّادم، تأكّدتُ تمامًا أنها رَصَفَت بيننا حجارة البعاد والإنكار والنِّسيان.

تنازلت عن دوري في هذه الحكاية، وعدَّلتُ النص ليتلاءم مع أجواء هذا العصر، حتى أنسى أجواءها البائسة. حافظت على خصوصيّة علاقتنا، بينما هي وضعتها بآخر صفٍّ اهتماماتها!!، لم تدعُ قلبها المخرج المساعد، أن يُكمِل معي مَهَمّة إخراج الفصل الأخير منها. لقد عُدت لوحدي إلى موقع حكايتنا، فوجدته خاليًا، بدون مجاميع الذّكريات الذين تخلّوا عن ذاكرة هذا المشهد الغرامي.

يا لها من ممثلة بارعة في أداء أدوار الفتاة العاشقة!، قرَّرَتْ "حبيبتي" بمنتهى السهولة التخلي عن دورها الرئيسي في مسرح طفولتنا، بدون أن تقف أمامي وتشكرني على النّجاح الذي حقّقناه عندما كنّا صغارًا... بدون أن تعتذر عن رفضها إكمال دورها العشقي السّابق الذي تعوّدتُ عليه، طوال سِني تمسّكي الشَّديد بالدَّور، لأنه تبيّن لي أنه كان دور العاشق التّافه الغافل، بعد أن اكتشفتُ أنّها قَبِلَت أن تُمثِّل أمامي دور الحبيبة على مسرح طفولتي للهو فقط، وتمضية لوقت الفراغ، إلى أن قرَّرتْ عدم إكمال مشهد الحُب الأخير!!...