[x] اغلاق
إعجاب ما بين السّطور
24/3/2022 11:07

إعجاب ما بين السّطور

بقلم: مارون سامي عزّام

ما زلتُ أعيش عصر شعراء وكُتّاب طَوَّعوا لغة الحب لأسلوب كتاباتهم ودفاترهم الغارقة في بحر الأشجان، حتّى وَقَعَتْ هذه اللغة في أسر مخيلاتهم المبدعة، فشعرتُ أنّي مُنتمٍ إليهم بكل حواسي. تناولتُ مسطرة خيالي، بدأت أنا وقلمي بتخطيط ملامح فكرتي العشقيّة الجديدة، ربّما تكون هذه المرّة خارجة عن المألوف.

لحظة كتابتي هذه السطور، شعرتُ أن هذا الزمن هو زمن العشق الفوري، تعولمت مفاهيمه التي نشأنا عليها، إذ بات لزمن الحب تقنيات حديثة متطوّرة وجريئة. إلاّ أنّي لم أبالِ بهذه التغيّرات، لأن إعجابي بتلك الفتاة كان عالقًا بين سطور الإعجاب التقليدي غير الحديث!!... لم ألحَظ أن أسطُرَ واقعي ملّت من بساطة مفهومي.  

ما زالت خيوط أحاسيسي ملفوفةً حول لفافة التروّي، إلى الآن ما زال إعجابي بها، مجرّد حِبْر على ورقة، سطّرته بين سُطور حيرتي!! قرّرت ألاّ ألجأ إلى التفنّن اللغوي الإبداعي في كتابة رسالتي إليها، فقرّرت مُرغمًا أن أتماشى مع زمن الحب الحديث، كي أواكب كل التطوّرات التكنولوجيّة الحديثة. تعلّمت كيفية إنشاء صفحة على موقع الفيس بوك، لأفتح معها نافذة للدردشة، لكي تتطوّر علاقتنا.

كيف لي أن أعرف إذا كانت لها صفحة على موقع الفيس بوك؟! ربّما لديها صفحة تحت اسم مستعار، أو تحت اسمها الحقيقي، ترفض أحيانًا قبول طلبات صداقة من أشخاص غير معنية بهم... ما أصعبها من تجربة، وخاصةً عندما يكون عقرب ميزان التوقعات يُشير إلى نسبة نجاح ضئيلة، أحسست أني تحت تأثير أفيون عشق لا إرادي!

رغم كل ذلك اضطررت أن أنجرّ وراء هذه الحداثة التقنية، لعل عقلي يتقبلها بسهولة، وأتعوّد عليها عندما أتعرّف إلى تلك الفتاة. لكنّي حزين، لأن قلمي تكسّر أمام آلة الكتابة المحوسبة، انهارت أسطر دفاتري أمام عظمة برنامج الأوفيس المجهّز بأسطرٍ وهميّة، ممّا جعل أوراقي تغتاظ منه، ولم يبقَ أمامها سوى أن ترفع راية الخضوع لقدرها المبرمج، يا لمراحل التطوّر في مجال الكتابة! لأن إعجابي بها سيكون مبرمجًا بتقنيّات عديمة الشّعور، تُرغمني أن أخضع لها، فما أقبح هذه التّحديثات في مجال الكتابة!!

أتشاءم من التطوّرات التكنولوجيّة السريعة، لأنّي أحب أن أغذّي قدرة تعبيري من أحاسيسي، كي يعدو فرس تعبيري فوق رمال الأشواق... أحب أن تبقى أوراقي ساحةً إبداعيّة غنيّة بالتعابير، مثل كبار فرسان الكلمة، من أجل أن تتبلور لدي لوحات إنسانية من اللوعة الحرّاقة... تترامى معانيها فوق مساحات شاسعة من الحرقة.

أريدها أن تشعُر بما وراء كواليس هذه الأسطر من إعجاب، لأثبت لها بأني سأهزم عتمة الرهبة، وأنطلق نحوها وبيدي شعلة جرأتي، فإذا تجاوبتْ معي، عندها نستطيع تخطّي أسطر الأحلام... نحطّم حواجز الظّروف... فلن يبقى إعجابي بها عالقًا بين السّطور.