[x] اغلاق
سيِّدة الاختيار الواقعي!! //// سيرة حُبّي النّاصعَة
20/4/2022 12:30

سيِّدة الاختيار الواقعي!!

بقلم: مارون سامي عزّام

سيِّدة شَعَرَتْ أنّي أحُوم حولها منذ مدّة، كحوّامة شغف، تريد أن تسحبها عن الأرض، لتضعها في مكان لائق، يضمن لها حق تقرير مصيرها، ولن تكون تبعيّة لأحد، منذ فترة وأنا أتتبع خطواتها... ألاحق خطوط حياتها الممتدّة طولاً وعرضًا، رغم أن سنّها قد لامس حدود الكِبَر، إلاّ أنها ما زالت سيدة الرّشاقة... عاشقة دُنيا الأناقة... مُكافحَة تجميليًّا للحفاظ على أنوثتها، 

التقيت بها صدفةً، وقلت لها بجديّة عالية، أني معنيٌ بها، لقد أُعجِبَت بتصرّفي الذي كانت تتوقّعه، لم تعترض علي، ولم تعارض طلبي، لأنّها تَعلَم أنها باتت على موعد وشيك مع العنوسة، وساعتئذِ لن تجد ضالة مستقبلها!!... عِلْمًا أن اختيارها كان نكاية بكل الفتيات، وَرَدٌّ قوي منها على كل المتبجّحات بأجوبتهن، حتّى أثارت بجرأتها غبار الاستغراب، وصار حدث العام!! 

قالت للفتيات: "إنّي أعلن أمامكن ولمن يستهجنَّ اختياري "العجيب" بنظركن، بأنّي لا أهاب ردّة فِعل أحد، لم أطلب منكن أن تضعن لي علامة حُسن سلوك على تصرفي، عملتُ بما أملاه عليّ ضميري، وما هو بالأخير لصالحي"... وتابعت قائلةً: "اذهبن وفتشن عن "قصة حب" أخرى، لأني تحت سيادة حب رجُل واقعي مثلي، يعترف بتعدّديّة الرّأي، يشجب تصلّب تفكير الفتيات، يؤمن بمرونة العلاقة". 

قناعتها الشخصيّة بي لم تكن من منطلق أنّها تعرفني، أو تقرأ كتاباتي... بل لأنّها تُقدّر اختيار الشاب الأنسب لها، وليس لكونه "كاتبًا"، لأن اللقب لا يعنيها كثيرًا، تعتبره من كماليات الشهرة. لذلك أرادت رجلاً مسئولاً... ليس ساهيًا عن أموره... مدركًا تمامًا لشُئون الحياة... يُقدّس حرم بيته... يكره بعثرة أوقات فراغه في حانة التسلية، يتغاضى عن متابعة دوران دولاب الأحاديث الاجتماعيّة حول محور السّخافة. 

وجدتْ هذه الصّفات مجتمعة بي، وقَبِلَتْ عرضي، لإيمانها بتفكيري الواقعي، الذي يأبى أن يجازف بمبادئه، للوصول بسرعة إلى قمّة الكمال، بل يؤمن بتسلّق سلّم التجانس العقلي درجةً تلو الأخرى. 

 

سيرة حُبّي النّاصعَة

 

أحاول السير على دربها ببطء، لئلاّ أنزلِق على جليد التفاهم الهش، الذي يكسو طبقة علاقتنا غير الواضحة، ربّما ألمح عند ضفّة تقديرها الشخصي، أزهار الود ترنو إلي لأقطفها، لذا ارتأيت أن ألتزم بروح سيرة حبّي النّاصعة، المبنيّة من فقرات حياتيّة خالية كُلِّيًّا من المزايدات المكروهة... تحتوي على إيضاحات هامّة لمفهومي الشخصي لخبايا الحب، كتَبْتُها تماشيًا مع تغيّرات العصر.

ضَجِرتُ من محافل الحب الخاوية، المليئة بالتنهّدات والآهات، أحاول أن أكُون نشيطًا بحراك التّوافق الصّريح، كما تنُص سيرة حبي الشفّافة، وذلك لأن نصوصها صادقة، هوامشها الرّزانة، ولن أخرُج عن إطارها. سيرة حبّي فيها ومضات عشقيّة بيضاء... بريقها حقيقي غير مغشوش، يسطع دائمًا عفّةً وبراءةً، لم تلوّثها يومًا دعسات الخصام أو التّجريح.  

إذا تخلَّيتُ لبضع لحظات عن سيرة حُبي، ستجرفني غريزة أشواقي إلى مطارح حبٍّ وهمية، لا أسيطر عليها!!... عندها ستصحبني إلى أماكن وعُود مخيفة، يتربّص بها شيطان الخداع، الذي سيستدرجني نحوه، كي يُوقعني في مطب الخطيئة، ليسحب منّي بخفّته، حمايتي الشّديدة لسيرتي، فأتنازل عنها، كي يُحرّف فحواها كما يحلُو له...!! 

كلّما أشعُر بحرَج معيّن، ألجأ إلى سيرة حبي النّاصعة، التي كلّما قرأتها، أشعُر بأن نسمات الرّاحة، تهبّ نحوي، تهدّئ توتّري العالي... تمنّيت أن أمنح تلك الفتاة حق الاطّلاع على سيرتي، لكنّني أخاف أن يلطّخها ذهول نظراتها من قوّة معانيها، فتُعيدها إليّ شِبه ممزّقة، فتلك الفتاة تفكيرها لا يستوعب هذا الرّقي الأدبي، فهي اعتادت على مستوى شعبي بسيط من المشاعر.

فتحتُ نافذة التّوقّعات، فدخلت منها رياح الغموض، وكانت تَصفِر بأذني، حاملة كُتَل الشّك والحيرة، محاولةً خطف سيرة حبّي النّاصعَة منّي، لكن سرعان ما خبّأتها بين أوراق حكمتي، التي كانت موضوعةً على طاولة مكتبي، مغلقًا النافذة بسرعة، وعُدْتُ للجلوس إليه، مُراجعًا تفاصيل سيرتي العفيفة، متعمِّقًا في كلماتها، لربّما يوجد فيها تلميحات خطيرة، تحتاج لرقيب اجتماعي!!

استيقظتْ مخيّلتي من نومها في تلك الليلة، تريد أن تأخذني رغمًا عنّي لملاقاة الفتاة دون أي تحضير... دون إشعارات مُسبقة، أو دلائل منها، فجأة سمعتُ صوت هدير مطحنة الواقع الكبيرة، يوقظني من هذا التصوّر الخيالي، المليء بالجرأة غير المألوفة، ومنعني من الإقدام عليه، فإن درجة السّطوع العالية لسيرة حبي، استطاعت أن تُبعده عنّي، وبقيتُ على التزامي بها...!!