[x] اغلاق
لقاءٌ على هامش الذَّاكِرَة
26/5/2022 3:50
لقاءٌ على هامش الذَّاكِرَة بقلم: مارُون سامي عزّام عندما تبادر إلى ذِهني عنوان "لقاء على هامش الذّاكرة"، تذكّرت لقاءً بفتاة قتلت بعفويّتها وجرأتها ساعات مللي، أردتُ أن أُذكّرها به، لعلّها تتذكّره، لكنّي لم أعرف اسمها ولا هي عرفت اسمي. لقد كان لقاء لبضع دقائق، استفسرتْ منّي عن بعض الأمور، وذهبت. اليوم جعلتُ تلك الفتاة، التي وضعتها على هامش ذاكرتي، تخضع من جديد لإرادة ذاكرتي، وأعدتُ استعراض ذلك المقطع القصير العابر. أنا لم أُوجّه مسار تفكيري نحو تبنّي نظريّة "الحب من أوّل نظرة"، لم أرغب أن أكون لحوحًا لأستدرجها، لأفهم إنْ كانت على علاقة بشخصٍ ما، ولستُ من الأشخاص المتسرّعين، الذين يُبلورون صورةَ حُبٍّ من لقاءٍ عفوي خاطفٍ، اجتمعت بها في ردهة الصدفة، ثمّ لماذا أجعل من نفسي دخيلاً غير مرغوب فيه في حياتها؟!... وما أدراني بخفايا مشاعر تلك الفتاة؟! هَمَّشَتْ تلك الفتاة أهمية تلك الدقائق العابرة، وابتعدَتْ، مع أنّي أعتبرها أجمل دقائق عُمري، لأنّها دمَغَت جمالها في ذهني. من تكون؟!... من أين أتت؟!... لماذا وجَّهت سؤالها إليَّ؟! لا أدري! أسئلة بسيطة وصغيرة، لا تستدعي منّي كل هذا الاهتمام، إلاّ أنّها بالفعل مُحيّرة، والإجابة عليها باتت أصعب، ويحتاج تحليلها إلى استخدام المنطق السّليم. هطَلَت قطرات الحيرة من غمام ذاكِرَتي، وبدأت تبلّلُ مراح خيالي، فأخذ هطولها يشتدُّ كلما أمعنتُ التفكير بتفاصيل لقاء لا يستحق منّي كل هذه الهيصة التفكيريّة، لأنه كان سريع الذّوبان في كوب يومي، لكنّي أعترِف أنّه تركَ أثرًا جانبيًّا علي، واعتبَرْتُه عارضًا سلوكيًّا عابرًا لا أكثر. رغم الضجّة النفسيّة التي أثَرتَها في داخلي هباءً، لكنّي لم أضعها في أولويّات سلَّم ذاكرتي، بل احتفظت بعَقِب سيجارِ ذلك اللقاء، ولم أرمِهِ في منفضة النّسيان، ما زال مشتعلاً، تنبعث منه دخان الماضي، واضطرَرت أن أتحمّل رائحته التي لا أطيقها، حتّى ينطفئ رويدًا رويدًا تلقائيًّا...