[x] اغلاق
نوافذ شفاعمرية
13/10/2022 5:59

نوافذ شفاعمرية

بقلم: زايد صالح خنيفس

لا يبقى في الوادي إلّا حجارته، ولا يبقى من الشّعوب إلّا حضارتها، والفنّانون المبدعون في العالم، رسّخوا فنهم، تكريمًا لتاريخهم العريق، ومن يتجوّل في معالم دول العالم، سيكتشف عظمة المبدعين، وفي مدينتي بادرت مجموعة من المبدعين الرسامين الشفاعمريين جمعهم الانتماء لشفاعمرو، ولملمتهم الفكرة، وبحث عنهم المركز الجماهيري مرشان، فوجدهم يحملون صورا من بلدهم يرسمونها على جدارية، فأخذوا قلم الرّصاص ورسموا الفكرة وأخذت تلف مركزا جماهيريا استيقظت عصافيره متأخرة عن ميعادها... وكانت الفكرة ابداعية كل نافذة تمثّل رمزا من رموز المدينة التي عشقها الفاتحون منذ ٤٠٠٠ سنة... صورة للسوق القديم، وامرأة تنتظر انتهاء طحنةٍ من القمح، لتحملها على رأسها، لإطعام أولادها... وصورة لقلعة عثمانية صمدت أمام الشمس والرياح وأمطار الشمال، طالها رذاذ الساحل، بلّلها الندى، وصورة لمغارة بيزنطية كُتِبَ على مداخلها حقبة من تاريخ شعوب مرت من هنا، وانتهوا هناك، تاركين بصماتهم على قوس المغارة... وصورة لعين عافية جسّدتها ريشة الفنان المبدع، فهنا بين التلال مر الفاتح الإسلامي وشفي من مياه النبع، وتابعت فلول جيشه سبيلها نحو الشرق... على دوار المركز الجماهيري، جلس الفنانون، وأخذت ريشتهم تتراقص فرحًا لوحدها تحت زرقة السماء، تغطّيها أسراب الغيوم، فالفصول تدور بلا توقف في ساقية المواسم... ابتسم الفنان للمارين والسائلين عن الفكرة، ففي النوافذ أجوبة لكل السّائلين. على نبعة العين وضعت امرأة على رأسها الخابية، وعادت إلى بيتها، تمسك تارة يد طفلها وتارة أخرى يفلت من يدها فرحًا يمرُّ بين الأزقة، وطلعةٍ نحو خندقٍ وحارة غربيّة، كان الفنان يرسم وجه مدينته بريشة الذكريات، والزمن الجميل لن يتكرر أبدًا، والصور باقية، ورسومات الفنان ستظل محفورةً في زوايا السوق والقلعة والعين... في بلدنا لا يحتاج الفنّان فقط لجدارية وجدار يرسم على مساحته، بل يحتاج لرعاية، ومن يضمُّ أفكاره وأحلامه، صدق من قال "أعطني مسرحًا أعطيك شعبًا"، فقد أصابنا السهم في الصميم، ومدينتي ليست فقط مساحة في الطول والعرض، بل على غرتها رموزًا من القديم الباقي في حلم فنان يُذكّرنا بالماضي الجميل، لعلّنا نعود إليه ويعود إلينا، والنوافذ تُطل على مشاهد منسيّة، والمبدع ما زال يقرع أجراس الذّكريات