[x] اغلاق
دعوني... أريدُ أن أهاجر
15/10/2022 16:45

دعوني... أريدُ أن أهاجر

زهير دعيم

لطالما تغزّلْتُ ببلدتي عبلّين ؛ هذه العروس القابعة كما الخال الجميل على خدّ الجليل ... ولطالما رفعْتُ رأسي شَمَمًا وأنا أقول : جليليٌّ أنا أعشق التينَ والحَبَقَ والمنتور والقرّيص والبُحيرة العاشقة لآثار القداسة . تغزّلْتُ وما ندمتُ ، فأرضنا ترفل فعلًا بالقداسة ، وتتسربلُ بالأمجاد . ولكن !!! ولا أُخفيكم سرًّا إنْ قلت لكم لقد راودتني أكثر من مرّةٍ فكرة الهجرة والفرار الى أوروبا .. تراودني حينًا وسَرعان ما تندحر أمام ثقل السنين وعددها ، رغم أنّني وبعد كلّ سفرة- وكثيرًا ما أُسافر- أتوق بعد أيام قليلة الى هذا الوطن الجميل والذي زرعه الماضي فِيَّ لوحةً جميلةً تنقط عفويةً وعُذريةً وسلامًا . تُراودني ؛ وكيف لا وبعد كلّ غروب شمس هناك قتيل هنا وضحية وضحايا هناك، وجرحى واطلاق رصاص وإتاوات وسوق سوداء تعربد . وحدّث ولا حَرَج . . فقد أضحى مجتمعنا العربيّ وللأسف عنيفًا ، شرسًا ، يستعذبُ الدّمَ والألم ، ويتغزّل بالدّموع والأسى والمصائب . وما يؤلمني حقًّا أنّنا نعدّ الضّحايا وننسى الجرحى والخوف والرُّعب ، وليس هناك مَنْ يرفع عقيرته بالصُّراخ المقرون بالعمل قائلًا : كفى.. كفى.. نريد حلًّا جذريًّا.. نريد أمانًا .. حقيقة لقد سرقتم منا الطمأنينة ، وسلبتم النوم من عيوننا وهدأة البال ، وأجبرتمونا عُنوةً أن نحضر في كلّ ليلة وعلى مسرح حياتنا فيلمًا مرعبًا بل أفلامًا ، يكوكب فيها المُسدّس والكلاشينكوف والرّشّاش الى جانب البغضاء والوحشية .. صدّقوني أنّني افتخرت وما زلْتُ افتخر أنّني ولدت في هذه البقعة المُقدّسة الجميلة ، ولكنني في عين الوقت أتوق للهرب الى حيث السّكينة تُعشّش ، والسّلام يُشرق، والبغضاء تغيب. أتراني وحدي أفكّر بالهجرة ؟!! أتراني وحدي أمقت هذا العنف الأسود الذي بات يؤرّقنا جميعًا .. لسْتُ أدري..