[x] اغلاق
فارس الوحدة والتّوحيد
20/10/2022 10:21

فارس الوحدة والتّوحيد

بقلم: زايد صالح خنيفس

ما أروع القول من لا يشكر النّاس لا يشكره الله. في هذا اللقاء الأخويّ، نُكرِّم إنسانًا معطاءً، كرّس حياتَهُ من أجل خدمة أبناءِ مجتمعه، فمن هنا نقولها بتواضعٍ وبحكمةٍ، بدأت الفكرة بكيفية حفظ كرامة وكيانِ جماعةٍ نشَدَت السّلامَ والمحبَّة للآخرين. وهنا تبلورَت المشورة، متجاوزةً الحُدود، وكانت الخلاصةَ رجالًا اجتمعوا على مبدأِ حِفظ الجماعة والإخوان، فلم يأتِ شيء من فراغ، بل هناك على الأرضِ رجالِ الله، فإن أرادوا أراد.

في هذا المساء يشرِّفنا أن نُكرِّم خال فيه من عِطرِ القرابة، وأهلٌ وجَدَّةٌ، ورجالٌ عرفوا كيف تُبنى جُسور الودِّ، والماضي الجميل جمَّلته مواقف من عرفوا حروف الرّسالةِ، فألفِ رحمة على من رحلوا عنّا، فعِطر ذكراهم حيٌّ في ذاكرتنا.

ترعرعنا في هذا المنزل على كلمة "الخال أمل"، ففي حناياه، قِصَصٌ ما زال صداها حيٌّ في أجوائه، واشتهرت الزّوايا بأسماء ما زلنا نذكرها، والخال أمل لم يغادرنا مرّة، فحمل أخونا أمل اسمه، دلالة لمعزَّةٍ، ولا يحمل الإنسان في القلب مساحةً، إلّا إذا كان عزيزًا. 

منذ صغره نمت في شخصية الخال روح القيادة، حرٌّ، يأبى أن تُقيَّدَ يديه، ويُحْبَس فكره، كان مبادرًا أبيًّا، يعرف الانتماء لبلده، ولدوحةٍ تبحث عن حقوقها. أدركَ أصول اللعبة السّياسية، فغامر بها، بل أجادها. نائبٌ في الكنيست، استطاع استمالة قيادة الدّولة. أبٌ حنونٌ، عطوفٌ، فَقَدَ في مرحلة من حياته أعزَّ إنسانٍ عليه، ولم ييأس، بل زاد الأملُ أملًا، وحَمِل الرّسالةَ بأمانة ووفاء.

صالَ وجالَ في ميادين الحياة، وكان السّبّاقَ والطّلائعيّ، في بناء أحياء الجنود المسرَّحين، ومنَّ عليه الله وأنبيائه، بأن يسعى مع القيادة الرّوحيَّة، لضمّ مئات الدونمات، لوقفي النبيين، شُعَيب وسبلان، عليهما السلام، وأروع إنجازٍ، بل موقف سجَّله في حياته، توحيد أبناء العشيرة في الشّوف الأشَم. بادر لتأسيس "يدٌ للأبناء"، لرعاية العائلات الثّكلى، وبذل الجهود من أجل الاعتراف بمصابي معارك الدّولة. 

خمسةٌ... وخمسٌ وتسعون عامًا، والرّجال تُقيَّم بمواقفها وعطائها، كنتَ النَّهر الذي لا تجف سواقيه بأعمال الخير. فكانت مشاركة سماحة الشّيخ موفّق طريف، والمشايخ الأفاضل والشّخصيات، لها وقعها في هذه الأمسية الغنيّة بالرّوحانيّات، وتألق سماحته بكلمة كان بريقها يسطع إيمانًا، وهو الفارس التوحيديّ الذي ترعرعَ في بيتٍ سيَّجه الإيمان ومخافة الله، والرّسائل لا يحملها إلّا من كان يُدركُ حِمل عشيرةٍ، قَدَّرَ الله لها أن تقوم بخدمةِ أنبياءٍ كانوا هنا، وانتشروا في بلادٍ انتظر أهلُها مواعيدَهُم، فما أجمل وما أروعها من أمسية، اجتمع فيها أهل الخير والتقوى، لتكريم من كرَّمه اللهِ.