[x] اغلاق
خيارات دولة أم عصابة؟!!
15/12/2022 8:24

خيارات دولة أم عصابة؟!!

بقلم: زايد صالح خنيفس  

السّاعات الأخيرة التي تشهدها أروقة وغرف الكنيست لا تُبشَّر خيرًا لدولة تدّعي الحضارة والتنور، تسير فيها الأمور حسب أنظمة وقوانين شُرِّعَت في برلمانها، حُدّدت فيها صلاحيّات السياسيّون وخاصّة رئيس الحكومة والوزراء، وفقًا للنهج العام، ومنحت أصحاب المناصب العليا على سبيل المثال، القائد العام للشرطة، ورئيس هيئة الأركان صلاحيّات تدخل فيها المهنيّة والاعتبارات العامّة والخاصّة، وقدرة التعامل مع أحداث أمنيّة تأخذ بعين الاعتبار النواحي التي تحافظ على شفافيّة القرارات في دولة تنسى أحيانًا ميثاق استقلالها، وديموقراطية حكمها ومساواة مواطنيها.

خلال السّاعات الأخيرة انبعث دخان الشؤم الأسود من قاعات جلسات البرلمان، معلنةً عن حقبة ظلماء في تاريخ دولة وللمرة الأولى يسيطر على مفاضلها الحساسة فاشيًّين على شاكلة بن جفير وسموطريتش، فالأول يسعى بنهم لبلع وزارة الأمن الدّاخلي، ليكون حسب اقتراحه الآمر النّاهي، وحامل عصا التمرّد على دور الشرطة الحقيقي، في حماية المواطن والقانون وتحويل هذه الوزارة إلى عصابة استيطانيّة. 

في الواقع سيكون بن جفير الوزير والقائد العام لسياسة الحكومة المتطرفة، والثّاني المدعو سموطريتش ينجح حسب الاتفاقيات المعلنة وغير المعلنة، أن يكُون وزيرًا في وزارة الأمن (الدّفاع)، لتوسيع الاستيطان وتشريع البؤر الاستيطانية العشوائيّة، وتصل السّاعات الأخيرة ذروتها لمنح الشرعيّة للسّارق المتسلسل أرييه درعي أن يكون وزيرًا مزدوجًا للداخلية والمالية بالتناوب.

في اجتهادنا وقراءتنا لا مناص إلّا باستقالة كوبي شبتاي القائد العام للشرطة، وضبّاط كبار آخرين قريبًا، فلن تقبل قيادة الشرطة أن تكون أداة ختم وخاتم بيد وزير اتُّهم بالسابق بثمانية جنايات، وقد تَطال موجة الاستقالات قيادات في الجيش، ولا أستغرب أن تُقدِّم إستر حيوت رئيسة المحكمة العدل العليا على الاستقالة، فالهزّات السياسية والعسكرية ستكون ارتجاجاتها واسعة، ومحاولات نتنياهو لحماية نفسه من المحكمة، ستخلق له معارضة داخلية في حزبه، فلا يمكن لحزب يدّعي التحرر والتنور، أن يخطو خطوات قد تزعزع أركان دولة بُنيَت أجندتها على أسس ديموقراطيّة.

من الواضح أن قوى اليسار والمركز اقترفوا أخطاءً جلبت إلى سدّة الحكم عصابات لا تفكر إلّا بنفسها وبأجندتها الدينية المتطرفة، والبدايات على الأبواب والثمن وقوع أحداثٍ أمنية متوقّعة، يكون لها بُعدًا إقليميًّا، وتصادمًا مع المجتمع الدولي وخاصة مع السياسة الخارجية الأمريكية التي تتبعها في المنطقة منذ عقود.

قد يحمي نتنياهو نفسه لفترة لكنه لا يستطيع أن يأخذ دولته وشعبه رهينة ملفّاته الجنائية الخطيرة، والعودة إلى الوراء شبه مستحيل، والتعامل مع قضايا الدولة الملحة والهامّة، تحتاج إلى قيادة تضع مصالح الدولة فوق أي ملف آخر، وتسليم كيان لعصابات، تضع مصالحها العنصرية فوق مصالح الدولة، فإن النهاية على ما يبدو ليست بعيدة.