[x] اغلاق
فنتازيا ميلاديّة بين عاشقَين
15/12/2022 10:34

فنتازيا ميلاديّة بين عاشقَين

بقلم: مارون سامي عزّام

 

فنتازيا العاشق:

"تحيَّة حب وبعد" هكذا يفتتح العاشق يا حبيبتي تهنئته الميلاديّة إلى حبيبته، بَيدَ أنّي لن أبدأها بهذه الطريقة التقليديّة، فهي ليست مجرد رسالة حب عاديّة، بل إنها بشرى إخلاص حارّة منّي، أُهديها لكِ عشيّة عيد الميلاد، رغم وجود بعض الخلافات البسيطة بيننا، وهذا أمر طبيعي، لكنّي وددت أن أفاجئك مع حلول عيد الميلاد، بهذه التّهنئة الدّافئة، والتي أعتبرها فنتازيا عشق مستحيلة.

تهنئتي هذه مُقدّمة لك بإيعازٍ من عقلي، لتتماشى مع عيد الميلاد، الذي يَبْعَثُ الدّفء في الجسد. كم تمنّيت أن أعايدك بهذه الأجواء المميّزة، ولكن الظّروف حالت دون ذلك، فالبرد الحاد غير المرئي، يصارع بشدّة وهج مدفأتي التي بجانبي، يمنع أناملي من التحرك برشاقة على لوحة مفاتيح الكومبيوتر، غيرةً وحسدًا. لكن مع تجدّد دورة اشتياقي لك، استطعت التغلّب على هذا البرد اللئيم. 

بدأت أكتب تهنئتي باللغة التي أريدها، شعرتُ أن دفأكِ بدأ ينساب بين أناملي، متسللًا إلى ورقتي في هذه الفترة الميلاديّة... غزارة إبداعي الميلادي غطّت مساحات خيالي، وغمرتني بالأفكار، فتلألأت كلماتي بأنوار الشّغف. 

أرأيتِ كيف صنعت ليلة الميلاد تلك العجائب؟ فمع ولادة الطّفل يسوع، أريدُ أن أُبشّر العالم بميلاد حبّنا، ولكن سطور تهنئتي الرّقيقة هذه ما زالت مُتعلّقة بالآمال. أتمنّى أن يزورني "شيخ العيد" حاملًا لي حلًا لسِر هذه الفانتازيا الغريبة غير المتوقّعة... ربّما ستكون فاتحة خير بحلول العام الجديد، لريّما أستطيع أن أنطق عبارة: "ميلادًا مجيدًا حبيبتي".

فنتازيا العاشقة

زيَّنتُ شجرة سرو ميلادية اصطناعية، وعلّقت في قمتها نجم مضيء، وبعد لحظات أطلق شُعاعًا لملامح شخصية أعرفها جيّدًا... تأكدت أنها للكاتب الذي شدّني أسلوبه لأتابع كتاباته المتنوّعة في الصحف... لقَّبته بشيخ الإبداع الذي يحمل على ظَهره كيسًا كبيرًا من الأفكار والخيالات، يطرق أبواب هموم النّاس، ليوزع عليهم مقالاته المميّزة. 

أمنيَتي أن يزورني في بيتي، مُقدِّمًا لي تذكارًا ما، لا يهم قيمته، المهم أنه أهداني شيئًا ما، ليُدرك أنّي معجبة كثيرًا بكتاباته، يا لسذاجة تفكيري!  نسيتُ أنّني موجودة في ظلال المجهول، لأنّه لا يعرفني، فأنا بالنسبة له مجرد معجبة عابرَة لا أكثر. 

ميلاد الرّب منَحَني سرير الطمأنينة، لأرتاح عليه في هذه الليلة الميلاديّة، أمّا أنتَ فمنحتَني فتيل المشاعر الذي أشعَل فكري... أبطَلتَ مفعول سِحرٍ شيطاني، صوّر لي أن الإحساس بالآخر في هذا الزّمن الميلادي، ليس إلاّ رشوة نفاق يقدّمها النّاس للمحتاجين! لكنّكَ علّمتني أن ميلاد الإحساس بالآخر، يولد في مغارة الإنسانيّة التي تجمع بداخلها مجوس الإحسان، العطاء والخير. 

تذكّرت المغزى الحقيقي من وراء مقالاتك، التي تدعونا إلى إحقاق العَدل، ومساندة المظلومين... لا أدري لماذا ينتابني شعور غريب، بأن هيرودس الحقد، ما زال حيًّا بيننا، يريد قتل أطفال الإرادة والوعي والنّضج، لينشر الضغينة بين النّاس، فيُفرِّقهُم عن بعضهم البعض، مُدَمِّرًا تلاحمهم الأسَري... فكم نحن بأمَسِّ الحاجة إلى ميلاد المسامحة في هذه الأوقات. 

تخيلتك جالسًا مثل بابا نويل على عربة لهفتكَ، حاملًا لي هدايا أمنياتك، وعودكَ واشتياقكَ، تجرّك حبال المسرَّة نحوي، قارعًا أجراس الوفاق، حتّى هذا التّمنّي تلاشى أثره على ثلج تصوري البريء، لم أفقِه بأن رياح أوهامي العاصفة ستبعثره، عندها أدركت أن حالتي ليست إلّا فنتازيا ميلاديّة لكنّي ما زلت مُصرّة أن أتمنّى لكَ أيضًا ميلادًا مجيدًا، لتكون تهنئتي الميلادية استثنائيّة جدًّا.