[x] اغلاق
سنة جديدة... ومسافات الآمال البعيدة
28/12/2022 6:36

سنة جديدة... ومسافات الآمال البعيدة

بقلم: زايد صالح خنيفس

لا يمكننا رؤية مشاهد الحياة الكاملة إلّا بعيَنين. والذي فقَد حاسة البَصر، فإن مشاعره وقلبه النابض كفيل أن يعوّضه نِعَم الحياة. يوم الاثنين كنت على موعدٍ انتظرته على أحرّ من الجمر، والمكان قاعة السيدة الرّعويّة في شفاعمرو، المناسبة لقاء المعايدة الذي يجمع تحت قبته وفودٍ حضروا للقاء الأهل، بمناسبة الأعياد المجيدة، فرسمت بلقائها ألوان قوس قزح في أروع مشهد، وهنا كان السّلام والعناق، وسبقت ابتسامة الوافدين من دوّار الشّهداء. 

كان المدى قصيرًا، والشوق مع الأحبّة لا يعرف المسافات لأن الآمال والأحلام واحدة، وبلد ينشد السّلام، قارعًا أجراس المحبّة. تدرك العين كما يعرف القلب المشاهد الجميلة، تحفظه في دوائر الذّاكرة، والشيخ القادم لقاعةٍ غصّت بالفرح، وقدس الأب فتح ذراعيه وقلبه ورسم ابتسامة الكريم... 

... مرحِّبًا بأهلٍ ووجوهٍ تشبهه، فهي من هنا ومن أزقّة وخلَّةٍ وهضبة ربضت عليها بيوت الأهل، وأسراب حضَرَت للمعايدة، شكّلت بحضورها رسمًا خفق له القلب، وفاضت مشاعر الألفة الصادقة، فما أروع منظر العيد، عندما يلبس لباس الوحدة.

شهِد هذا العام مسلسلات دموية لم تتوقّف حلقاتها المرعبة إلى الآن عن بث العنف غير المحتمل، والسّاعات الأخيرة للعام تقترب من ساعة الصفر، فقد فيها الوسط العربي حوالي 120 ضحية وأكثر. سيطرت على شوارع البلدات العربية عصابات الإجرام ولم يعُد أحد في مأمن، أمام عجز الشرطة في لجم جموح الشر.

نكتب هذه الكلمات وقد أقسمت الحكومة اليمين، ومن يمين متطرّف إلى يمين متهور، يأبه فقط بمصالحه! والدّولة بالنسبة له إطارًا شكليًّا يمارس من خلالها لعبته السياسية القذرة، والمهم فيها أن يبقى رئيس الحكومة في سدّة الحكم ليحفظ كرسيه وحكومة تقود دولة نحو الهلاك، وزرائها من المتديّنين المتزمتين، والبقية وزراء ذوي سوابق جنائيّة، وآخرين بانتظار مواعيد محاكمهم قيادةً تأخذ كيانها نحو الانهيار، والعام الجديد لا يُبشّر خيرًا، والمجهول يتعاظم، والأيام آتية.       

فرغت شوارع الدّوحة وأُغلقت ملاعب قطر مونديالها، وعاد اللاعبون إلى فرَقهم والسّائحون إلى أوطانهم. كأس العالم سُلّم في النهاية لأحضان ميسي وتعايش ملايين النّاس مع مشاهد جميلة، شهدتها ملاعب الدوحة. والحياة بكامل مشهدها لا تُرى إلّا بعينين والمشهد المتبقي حي في رحم الذاكرة.

الإنسان ضعيف ومهما تمتّع بقدرات خارقة، إلّا أن القوة لله وحده القادر المقتدر. ويحق للإنسان أن يتشبّث بقشّة أمل تعوم فوق بحر الأماني، يحدوه حلم بأن الفجر الآتي قد يكون الأجمل. من حق البشرية أن تبحث عن فضاء الأمان الذي يأخذها لسواحل السَّكينة، وشواطئ الهدوء، فهناك سنشهد مواسم الحقيقة، والرّمال لا تخذل شواطئها.