[x] اغلاق
عمر المرأة سر أنثوي محظور
25/3/2010 13:02

كم عمركِ ؟ سؤال غير مرغوب فيه يتربع فوق العديد من الخطوط الحمراء ، لا يعجب حواء ويثير غضبها وخاصة إذا كان موجه من الجنس الآخر ، هذا لا يعنى أنه مقبول من المرأة ولكنه يعتبر سؤال فضولي يخفي ورائه أهداف أخرى وبداية لسلسلة من الأسئلة الشخصية التي ليس لها أي معنى سوى التدخل في شئون الغير.

وبوجه عام يعتبر عمر المرأة فى وطننا العربي أحد المعايير التي تقيم المرأة وكيانها ، وكلما صغر عمرها زادت جاذبيتها وجمالها فى عيون الآخرين ، وتري دائما المرأة نفسها لن تتخطي سن العشرين ، وتعتبر كل من تعدت هذا العمر أن سؤالها عن عمرها يعنى أنها ستقيم كأنثى وخاصة إذا وجه لها هذا السؤال رجل يبحث عن نصفه الآخر ، ويترجم هذا السؤال في ذهن حواء إلى "مطلوب عروسة صغيرة ، تصغره بسنوات تحمل كل معاني الأنوثة بعقل ناضج وشخصية جذابة" وهنا لا يشعر الرجل بالرضا إذا علم أن فتاته فى نفس عمره ولا يقبلها زوجة أو شريكة حياة لأنه لن يشعر تجاهها بالهيمنة والسيطرة .

أما ثرثرة النساء فلا تخلو هي أيضاً من الفضول ، ليجر السؤال أسئلة وخاصة إذا كان المجتمع العربي يقيم المرأة بسنوات عمرية ويقارنها ببعض الأحداث كالزواج والإنجاب وغيرها من الأمور المتعلقة بالأعراف بمختلف أنواعها ، وفى هذه الحالة تلجأ دائما حواء إلى إخفاء عمرها الحقيقي عن الآخرين وتشعر بالحرج فى ذكره أو تتردد بعض الشئ قبل الانسياق في الكلام على هذا الحقل الشائك ، ولكن هل تري الشابات أن هذا الأمر صائب وتنظر إلى الأمر ببعض الحساسية ، هذا ما حاول لهنّ اكتشافه .

كذب لا يجدي

 
تذكرت مروة أبو الفتوح - 30 عاماً - على الفور موقف واجهته مع أحد صديقاتها ، وقالت مبتسمة : تعرضت لأحد هذه المواقف ، وكانت سبباً لخلافي مع أعز صديقاتي ، عندما طلبت منى الحضور معها لمقابلة "عريس" والتعرف عليه بأحد المطاعم الراقية ، لأنها تشعر بالحرج الشديد من هذا اللقاء ، وبالفعل فوجئنا بدخول ضابط وسيم بالبدلة الرسمية ، جلس معنا ، وتعرف عليها ، كنت أشعر بالحرج لتواجدي في مثل هذا اللقاء بلا داعي ، وأثناء الحديث سألها ، كم عمرك ، وفوجئت بأنها ألقت بخمس سنوات من نافذة حياتها وكأنهم ذهبوا مع الريح ، وقالت له عمري 25 سنة ، وجاء رده سريعاً باندهاش : كنت أتوقع أن تكوني أكبر من ذلك ، ثم اتجه إلي وسألني عن عمري فلم اجب من شدة الإحراج ، والذهول الذي انتابني بعد هذه الإجابة الغريبة الذي لاأعلم لها أي مبرر ، أجابت صديقتى : عمرها 25 وكان هذا عمري الحقيقي أينذاك ، وعلق على الأمر بأني أبدو أصغر من عمري بسنوات ، لم أبالي بحديثه  ، ولم أستوعب الموقف إلا بعد انهيار صديقتى بسبب أنه أعتذر لها مؤكداً إعجابه بي ، وأشار إلى رغبته في خطبتي ! كان الموقف غاية فى الصعوبة على كلانا ، ولا أجد ما يواسيها سوى النصيحة ، مؤكدة لها أن ما ارتكبته من كذب لن يساعدها على الحصول على العريس المناسب ، وقلت لها أن هذا الشخص لا يستحقها وغير جاد فى الزواج.

وتضيف مروة : وفعلاً تقبلت نصيحتي وهي الآن تبلغ من العمر 35 عاماً ومخطوبة لشخص يصغرها بسنتين وتعيش قصة حب جميلة ستكلل بالزواج قريباً ، ومع هذا التصالح النفسي شعرت بتغير كبير فى شخصيتها ، وأصبحت تتمتع بشخصية طفولية مرحة ، وذكرتها بموقف العريس السابق وقلت لها تأكدتِ الآن أن المرأة الجميلة لا تقدر بعمرها.

وأنا أري أن المرأة ليست فى حاجة إلى إخفاء عمرها مهما كان عدد سنواته ، وخاصة إذا كانت شخصية متفتحة ذو خبر الأمر الذي يعطيها ثقة أكبر فى نفسها ،وتجبر الآخرين على احترامها ، والهروب ليس حلاً على الإطلاق ، ولكن الأجمل والأكثر جاذبية هو الحديث اللبق الذي يظهر شباب المرأة وحيويتها وإقبالها على الحياة ، وبذلك تتمكن المرأة التغلب على عقدة السن التى تخيف المرأة وتجعلها تتخبط هنا وهناك.

أقول بصراحة

  
أما دنيا السيد - 27 سنة - تؤكد أن هذه النماذج حولها فى كل مكان ، كل عيد ميلاد تغيب شمعة عن التورتة ولا تزيد أبداً ، وانتقدت بشدة هذا الأمر مشيرة إلى أن المرأة التي لا تجد أي إنجاز في حياتها أو لا ترى شيئا ذو قيمة هي التي تخفي عمرها وتعتبره سراً حربياً وكأنها تريد القول أنا لم أضيع عمري هباءً ، وتقول: أما أنا لم يتجاوز الـ27 عاماً ومن يسألني أقول له بصراحة بدون خجل أو تردد ، ولا اعتبره سؤالاً محرجاً قط بل سؤالا تقييماً للعقل والنضوج ، فأكم من النساء اللواتي تعدين الأربعين والخمسين لا يجدن غضاضة في الكشف عن أعمارهن ويتمتعن بجمال كل مرحلة ، فالعمر ليس عورة علينا إخفاءه .

جمال الروح

وتعتقد زينة الهواري - 33 عاماً - أن سر تهرب المرأة من ذكر عمرها الحقيقي يرجع إلى أنها تخاف من أن يقل انجذاب الرجال إليها ، وهذا يقلل من كونها امرأة جميلة ، بالرغم من أن جمال الروح هو المقياس الحقيقي للإنسان سواء كان للرجل أو المرأة على حد السواء ، وأهم بكثير من الجمال الخارجي المرتبط بسنوات العمر.

تقول زينة : بالنسبة لي أنا لا أخفي عمري الحقيقي ولن أحتاج يوماً إلى إخفاءه ، ولا يمكن أن أجعل القطة تأكل نصف عمري كما تفعل الأخريات ، أما بالنسبة لسؤال الآخرين عن عمري فهو أمر وارد جداً ، أتقبله بصدر رحب حتى إذا تخطيت سن الخطر بدون زواج أو أولاد ، لأن مع كل هذه السنوات أثقل خبراتي فى الحياة وأشعر بجمال كل مراحلي العمرية ، وستظل إجابتي واحدة وموقفي لن يتغير أبداً ، لماذا أخاف من ذكر عمري الحقيقي وهو لم يتخطي الواحد والعشرين بعد!.

هروب وخوف

الاختصاصية النفسية د. غادة مختار تؤكد أن إخفاء المرأة لسنها يتعلق بالنظرة الاجتماعية السلبية إليها باعتبارها كائناً جميلاً قبل أن تكون عقلاً أو حتى روحاً ، وبالتالي شكلها وجسدها هما المقياس الأول لتقييم دورها في الحياة وأي تراجع في أنوثتها يعنى تراجعها في الحياة وفى عيون الناس ، ولهذا تسعي طوال الوقت إلى إخفاء عمرها الحقيقي .

  
ويري د. حسان المالح استشاري الأمراض النفسية والعصبية أن المرأة لم تخلق لتكون جسداً فحسب والتقدم في العمر قد يكون أحيانا دلالة إيجابية على النضج واتساع التجربة وليس عيباً ، والخوف من التقدم في العمر أمر طبيعي مرتبط بحب الحياة وحب الذات ، وقد عرف الإنسان حلماً قديماً بأن يبقى شاباً وهو يبحث عن "ماء الحياة" ليعيد له الشباب ، وعندما تخفي المرأة عمرها الحقيقي وتحاول أن تظهر بشكل أكثر شباباً وأصغر سناً فهي تفعل ذلك لأن المجتمع يحدد عمر المرأة بقدرتها الجسدية الأنثوية والتي ترتبط بنشاط الهرمونات وغيرها من الأمور العضوية الكيميائية ، وهناك اختلاف واضح بين المرأة والرجل من حيث نشاط الهرمونات ولكن إلصاق قيمة المرأة بجسدها فقط وبالتالي تضخيم هذه القيمة على حساب المكونات الأخرى هو نوع من ضيق النظر والاضطهاد لها.

وحلل د. المالح خوف المرأة من التقدم بالعمر بحسب جريدة "عكاظ" إلى خوفها من الموت من الناحية النفسية ، بالإضافة إلى أن هناك العديد من الأساليب الدفاعية النفسية التي يحاول الإنسان أن يستعملها ليبعد شبح الموت والشيخوخة بعضها ايجابي ومفيد وبعضها غير ذلك والحقيقة أن الإنسان الذي خلقه الله ذكراً او أنثى يمر بمراحل متعددة من الناحية البيولوجية والنفسية والاجتماعية ابتداءً بالمرحلة الجنينية الى الطفولة الى المراهقة ثم الشباب ثم مروراً بالكهولة ثم الشيخوخة إلى أن تنتهي دورة الحياة بالموت .