[x] اغلاق
شفاعمرو تفقد ملامحها
6/4/2023 9:13

شفاعمرو تفقد ملامحها

بقلم: زايد صالح خنيفس 

تواجدت هذا الأسبوع في لقاء أخوي أثناء التحضير لبرنامج زيارة مقام سيدنا النبي شعيب عليه السلام إلى حطين التي احتضنته وكانت محطة هامّة لخطيب الأنبياء عليهم السلام جميعًا، وهُم يُعتَبَرون أخوة، عملًا بالقول المأثور "الدين لله والوطن للجميع. 

على هامش الجلسة تفاجأت من حدة الشّرخ في اللوحة الشفاعمرية الأصيلة التي وجدتها مختلفة عن لوحة التلاحم التي رسمها لنا الآباء والأجداد. في الواقع، فإن تاريخ شفاعمرو يمُرّ بلحظة حرجة من تاريخه العريق، بتنا نشهد تباعدًا اجتماعيًّا خطيرًا، غير مقصود، أو قد يكون مقصودًا، في ظل تأثيرات محلية دخيلة.

 الحركة الشبابية الشفاعمرية تمر بحالة من التباعد، ممّا سيؤدي إلى عواقب وخيمة ستنفجر بوجهنا إذا لم نتداركها حالًا. هذا الجيل الناشئ يجهل تاريخ أهل بلده... ينفر من جذور ماضيه الممتدة مئات السنين، يستهتر برموز بلده. للأسف فإن حركات سرايا الكشافات المحلية في حالة تنافر تقريبًا، لا يتعاونون سويًّا كما فهمنا.. 

غالبية فِرَق الرياضة أصبحت من لون واحد... حركات الشبيبة غالبيتها الساحقة من لون واحد... رجال الدين والقيادات الدينية حوَّلت (لقاء المعايدات) إلى لقاء تظاهري فقط. هناك ظواهر خطيرة تمر على المجتمع الشفاعمري، تهدد تركيبته ونظامه، والقيادات لا تحرك ساكنًا، كل طائفة تحتفل بمناسباتها لوحدها، بعيدًا عن المشهد الاجتماعي الكامل الذي يضم أهل البلد، وهذا أمر مؤسف للغاية. 

أحيانا تظن بلدك عبارة عن قرية مصغَّرة داخل مدينة. من حقنا أن نُحذِّر... أن نقرع أجراس الصحوة، لنصرخ عاليًا بأن شفاعمرو اليوم عند مفصل خطير ومحطاتها التاريخيّة على وشك الاندثار، في ظل غياب قيادات حكيمة جريئة تضع شفاعمرو تحت أضواء التَّجدُّد. المصالح الخاصة والذاتية طغت على المصلحة العامة التي نسعى جاهدًا لحمايتها، لأنها تهم جميع أطياف البلد وحاراته. 

فقدنا مبدأ الانتماء لشفاعمرو وحلّ مكانه الانتماء للمربع الصغير... تحوَّلت بلدنا إلى فندق كبير ننام في غرفه ونستيقظ صباحًا للعمل. لقد غاب العمل الجماعي ومحيناه من أفكارنا وقاموسنا، مشاعرنا تجاه ما يحصل في بلدنا باردة... كما فقدنا حس المبادرة، فأين كلمة الانتماء للمدينة وأسوارها ومداخلها وتضاريسها وأقواسها؟!!! 

الواقع مرير ويسير للهاوية، ويل لمدينة جسدها يتفكك، وملامح وجهها تُنسى، لا تُضيّعوا ما تبقّى من الزمن الجميل... لا تكونوا بخلاء في محبتكم لتلال البلد وشوارعها وأزقتها والممرات الضيقة لسوقها القديم، والنسائم الآتية من صوب عين عافية، سنشتاق لمتعة الجلسة تحت ظلال الخروبية... ولينابيع الفوار النائمة في حواكير الخلة.. ومرشان في البال دائمًا لا تسقط من تلّة الذكريات. فلا تكونوا بخلاء في شوقكم للماضي، إكرامًا لمستقبل مجهول.. والبلد لن يتمدّد سرب محبّتنا في سماء العائلة الواحدة، إلّا بوجود انتماء حقيقي غير مبرمج

May be an image of outdoors