[x] اغلاق
رهينة في أسر الغُرور
8/6/2023 8:22

رهينة في أسر الغُرور

بقلم: مارون سامي عزّام

فتاة ما زالت تتسلّى بمرآة الأناقة التي تعكس لها جمالها، تلهيها عن النّظر قليلًا إلى ذاتها، تنسى أن سحرها سيزول. حياتها الخاصّة عبارة عن مغارة مظلمة يعيش فيها المضلّلون لها، تتَهرَّب من أنوار فتيات متألّقات أكثر منها حاولن التقرّب منها، لكنّها لا تريد أن تعترف بوجودهن، تدّعي أنّهن غبيّات أو جاهلات بل هي التي تجهل المتغيّرات الفكرية التي طرأت على تفكير الفتيات. 

معظمهن يُدرِكنَ أن منظومة العُمْر غير مستقرَّة قد تفرض عليهن يومًا ما دون إنذار مُسْبَق حالة الطّوارئ الاجتماعيّة، لتحظر عليهن التَّجمهُر في ساحة انتظار الفرَج، لذا قررن الفتيات استباق تعسُّف العُمر الخفيَّ والسريّ، واستثمرن اجتهادهن وذكائهنّ في الحقول العلميّة المتاحة أمامهن... وتلك المغرورة ما زال وعاء ضغطها النّفسي يصفِر، يحذِّرها من الانفجار جرّاء تحفّظات عائلتها من خروجها للدِّراسة!!

لماذا لا تتمثّل بهنّ؟!، لماذا تكره رؤية الأمور على بساطتها بدون استعلاء؟!، لو تحاول الانفصال عن نزعة الأنا التي زَرَعَتها فيها أيديولوجيّة عائلتها! لكانت حالتها غير داكنة بل ملوّنة بالحيويَّة، لكنّها فضَّلَتْ السَّير في محيط مزرعة التبجّح التي تملكها، مساحتها تغطّي كافة منطقة عقليّتها. إنَّ ترويضها لخيول طباعها جعلها تبتعد عن أي شخصٍ دون مستوى عائلتها، رغم أن الجميع يعرف تاريخها وماضيها!!

لا تَعْلَم أن هناك فتيات شخصيّاتهن أقوى منها، مستعدّات لمبارزتها بسيوف كرامتهنّ ليحطّمن أنف جحودها، وسيهزمنها من أول جولة... لم تعتَد في يومٍ من الأيّام على روح المنافسة، بل استسهلتِ الحصول على مبتغاها عن طريق الرشى، فَرَضَتْ طغيانها على نفسها المعذَّبة، المقهورة، ولَغَتْ أبسط حقوقها، صارت جزءًا من نظام النرجسيّة العائليَّة المتَحَكِّم بها. 

جميع حروف هذه الخاطرة، تَحمل ثِقلَ تَحَمُّل النّاس لفظاظتها، آثار قهقهة عنفوانها سيهز أعمدة كبرياءها الرّخاميَّة الثّمينة والأثريّة، إلى أن تنهار عليها!، ستُقابَل من قبل جميع النّساء، الفتيات والمجتمع بأسره بالجفاء، ولو توسّلتْ أن يمنحوها فرصة لتثبتْ لهم أنّها عكس ذلك من المؤكّد سيرفضون، لأنّهم يعرفون بأن عجينة قلبها عويصة، لن تختمر لا بالمجاملة ولا باللطف.

لا يهمّني أبدًا رد فعلها على ما ذكَرته، فأنا لا أهاب مواجهتها، إنّما ستُصْدَم عندما تُدرِكْ أنّها صارت حديث السّاعة، ورغم ذلك ستعتبر أقوالي تماديًا منّي، لأنّه حسب "رأيها السّديد" لا يحق لي أن أتعدّى على حدود معرفتها لي، لكنّها لم تخاصمني، وحافظتْ على الخيط الرّفيع الرّسمي لعلاقتنا دون أن تَقْطَعَهُ، كنوع من صيانة واجِهَة صداقتنا، سُرِرتُ بأنها لم تقاطعني!! 

ستستهتر من صراحتي معها، وبالمقابل ستهزأ منّي لأنّي فشلتُ بمحاولة دمجها مع بنات جيلها، أنا نادمٌ حقًّا "بمطالبتي" لها بالانفتاح قليلًا على فئات المجتمع، رغم ذلك فهي "تعتزّ كثيرًا" بكمال شخصيتها المزيّفة، لكنها تُصِر على إنكار شهادات النّاس الحيّة، لماذا دائمًا تُكذِّب غيرها؟! أتمنى عليها أن تَسير باتجاه العلاقات الإنسانيّة الحقيقيَّة القائمة على الشّفافيَّة، لا فوقها.

أشتهي أن أعرف لماذا ما زالت تَتمسّك بجذورها الإقطاعية؟! مع أنها غدت من الحكايات الأسطورية التي لم تعُد قائمة في مجتمعنا المعاصِر، أشتهي أن أعرف هل وطن تعَقُّلها مُعلّقٌ في السّماء أم موجود على الأرض؟!... أم لا تعترف بوجوده؟! لكنّي بكل أسف أقول لهاِ: "ستبقين رهينة في أسر غرورك، تحيط بقصر "استكبار عائلتكِ التّاريخي" أسوار ابتعادهم عن السَّير المجتمعي المختلط، وهي التي أسَّسَت العنصريَّة الاجتماعيَّة البغيضة عندما تمادت في تأجيج حالة النفور منهم، وأنتِ أيَّتها المغرورة للأسف ضِمن هذه السّلالة!!