[x] اغلاق
ميلاد
12/12/2023 18:21

ميلاد

وهيب نديم وهبة

 

ميلاد هذا العام... في الركن هناك، شجرة... جثة هامدة... بلا أوراق، بلا زينة، بلا أجراس ورنين موسيقى.

شجرة هذا الميلاد... بلا قناديل، بلا تماثيل... أغصانها كالمناديل تلوح بالوداع بالدموع. 

يقطر الدم من جراحها ويعلو أغصانها الخريف.

 

سيأتي السيد المسيح هذا الميلاد إلى مائدتي.

ليس ها هنا سيدي، فوق طاولتي سوى دموعي شموعي هل يكفيكَ ضوء المكان؟

قليلا من الدمع... وكثيرًا من الحزن.

هل يكفيكَ هذا الخبز للعشاء؟

الشمع يذوب سيدي، رويدًا رويدًا، ويعتم كثيرًا هذا الزمان.

هل تشعر بالعتمة؟

 

ها أنا راكع على أعتابكَ سيدي، خاشع أمام ملاك الموت، سابح في أفق ملكوتكَ. 

أني هنا... هل أغتال الظلام المكان؟

 

سيدي... لكَ أن تجلس وتسهر حتى الصباح.

وحيد أنا... وأنتَ خانكَ الرفاق... وصلبكَ الموت على خشبة. وأنا صلبني الموت على مليون خشبة!

 

أتعرف...

هذا المكان لا يناسب جلال حضوركَ، ولكن منك المعذرة سيدي، المعذرة.

قال: هذا الكأس دمي...

قلتُ: هذا الكأس دمعي...

قال: قليل من الخمر يفرح قلب الإنسان...

قلتُ: كثير من الخمر سيدي... ولا يعرف قلبي الأفراح.

قال: هذا جسدي خذوه وكلوه...

قلتُ: هل تشرب مع خبز العشاء... قطرات أحزاني، هل يكفيكَ هذا الدمع الخبز للعشاء؟ (جسدكَ سيدي!) أنتَ تجرح مشاعري، جسدكَ المصلوب هذا طعام في هذا الزمان... لوحوش التفرقة... والمسامير في قدميكَ أصبحت أعمدة من الرخام، أو صخورًا من البازلت... أو حديد المصانع، بين الطوائف.

 

الدنيا هنا ضيقة جدًا... وهنالك العالم... العالم أوسع بكثير... لماذا لا نهرب إلى المقبرة... لي هناك أكثر مما لي هنا.

لماذا لا تحمل معي هذه الشجرة العارية. ليست ثقيلة. هو الهم ثقيل، وليست كبيرة... هو الحزن كبير، ولبست جميلة... هل يأتي الموت جميلا؟

 

ليل...

يتعلق هذا الليل بأغصان الأشجار حتى لا يموت. حمل الشجرة والزجاجة... وأغلق الباب والنافذة وأخذ الليل طريقًا إلى المقبرة ليسهر هناك...

 

تلك هي ليلة الميلاد، أن نحتفل معًا... وان نسهر معًا، وأن نشرب نخب الليل حتى يموت.

كأسكَ يا سيدي المسيح!

 

(النص من كتاب نافذة للموت وأخرى)