[x] اغلاق
شهداؤنا ومذكِّرات الولاء
11/1/2024 7:56

شهداؤنا ومذكِّرات الولاء

بقلم: زايد صالح خنيفس

أستهل بداية مقالي بجملةٍ قالها المغفور له الشّيخ أبو يوسف، أمين طريف الرّئيس الرّوحي السّابق للطائفة المعروفيَّة: "أخلص الدروز للدولة لكن الأخيرة للأسف لم تخلص لطائفةٍ ربطت مصيرها بمصير الدّولة". ونستهل هذه الأسطُر ونقولها بتواضع بأننا نعرف أكثر من غيرنا، بأننا وُلِدنا بين ملفات ما زالت محفوظة في الخزائن.

الدولة العبريّة لم تقُم بنزهةٍ في طبيعة عاديّة، بل قامت من محطّات داميةٍ، والدخول في التفاصيل أحيانًا ينزع شرعية حفظ المستندات في خزائنها، لكننا نقولها بمنتهى الجرأة، لهذه الدولة رجال عملوا من أجل قيامها واستمراريتها، والفضل للأوائل، والتفاصيل ليست في كل الحالات جلِيّة.

سُن قانون القوميّة في شهر حزيران من عام 2018، بدعم 62 نائبًا ومعارضة 55، في ملخصِّه الحفاظ على تفوُّق يهوديّة الدولة، ناكرًا من كانوا شركاء الماضي من أجل المستقبل. في الرّابع من آب من نفس العام، شهدت ميدان رابين في تل أبيب مظاهرةً لأبناء الطائفة الدرزية المحتجّة على قانونٍ لم يُدرك من صوَّت لإنجاحه تاريخ مواقف من ضحّوا بأرواحهم قبل أن ترى الدولة العبرية نور استقلالها.

الإجحاف بحق الأقليّات هي وصمة عار على جبين دولة تدّعي أنها واحة الديموقراطية في الشرق، وأن نكرانها للجميل لا يُشرِّف كيانٍ يصبو أن يبقى في نقطة متحرِّكة في هذا العالم. 

المقابر العسكريّة في الجليل والكرمل هي الدليل المُثبَت، وآلاف مصابي الحروب هُمُ البرهان بأننا نتساوى في الموت والجرح، ولا توحّدنا مساواة الحياة.

ليست وظيفتنا تقديم البراهين والإثباتات الحيّة في كل ذكرى ومحفل، ولا يُعقل بعد سبعين عام وأكثر أن نرفع الدليل بوجه من يجهلون تاريخ طائفة كان عددها قليلًا، وتجاوزت أفعالها حدود الوطن.

تاريخ 7 أكتوبر الأسود ليس عاديًّا، بل كاد أن يكون نهاية المشهد لولا مشاهد البطولة التي برزت في غلاف غطّاه غبار المعارك، واستشهدت على تلاله وبين جدرانه وأسلاكه نساء وأطفال وعُجَّز، اقتادتهم عصابات الموت إلى أنفاق الرعب.

لا نختلف مع أحد بأن قانون القوميّة كان جائرًا وظالمًا، ودولة بما تبقّى فيها من رجال، تعرف أن ما كان قبل 7 أكتوبر لا يمكن أن يبقى بعده، ولا يعقل أن يتسلَّم ابن الطائفة المعروفيّة أمرين من قيادته ودولته الرشيدة الأمر الأول عسكريًّا يدعوه للجبهة، وأمر آخر يأمره بهدم بيته المقام على أرضه.

نحن لا ننتظر سقوط شهيد لنُذكِّرهم بولائنا غير المحدود، وإن أخذتنا العواطف إلى حدود القدر، لأن البقاء في هذا المشهد الظالم سيكون شاهدًا على ميادين التّحدّي، والنصيحة أن تاريخ 7 أكتوبر الأسود سيكون مفترقًا بكل ما يحمله من إشارات الألم.   

May be an image of one or more people and crowd