[x] اغلاق
طفي نار الغيرة...
19/4/2010 12:47

يبدو أن الغيرة أمر مشترك بين مليارات الأزواج ومن المحتمل أننا جميعنا  شعرنا بالغيرة في فترة ميعنة من حياتنا لأسباب مختلفة وأيقظت لدينا مشاعر اختلفت من شخص لأخر

وفق التعريف العلمي للغيرة تقول عالمة النفس أيالاه ملاخ-بينس بأنّ "الغيرة هي رد فعل مركب لتهديد لعلاقة ما عزيزة علينا أو على جودتها". تعتبر الغيرة رد فعل مركب لأن مجموعة من المشاعر والأفكار والتصرفات المختلفة تتدخل فيها.

مثلا:
المشاعر: الألم, الغضب, الحنق, الأسى, الغيرة, الخوف, الحداد والمهانة.
الأفكار: الحقد, الذنب, المقارنة مع "الخصم", المخاوف التي تنشأ حول صورة الذات و(الكثير) من الإشفاق على الذات, مشاكل في التركيز وأفكار استحواذية حول من نحب أو حول من يشعل فينا نار الغيرة.
التصرفات: أحاسيس الضعف, الارتجاف, التعرق, البحث المتواصل عن كلمات للتهدئة والتعزيز, ردود فعل عنيفة– وللأسف أيضا العنف. وفي بعض الأحيان قد تنشأ اضطرابات  في النوم والشهية للطعام.
جميع هذه الأمور وغيرها قد تلتقي في خليط المشاعر التي تدعى الغيرة في إطار الحياة الزوجية.

إذن فالغيرة سيئة فعلا؟...
مثلها مثل الكثير من الأمور في الحياة, يتعلق الأمر بالجرعة. أحيانا تقود الغيرة والمشاعر والأفكار والتصرفات التي تيقظها إلى نتائج سيئة للغاية. ولكن في أحيانا اخرى، وبالمقدار الصحيح, يمكن للغيرة أن تحمي الحب والحياة الزوجية.

حقا؟
بالتأكيد. في العلاقات التي تكون فيها الغيرة بالمقدار الصحيح, يمكن في الواقع, أن تمثل تذكيرا لها وتذكيرا له– بأنه ليس من الجيد أن نأخذ علاقاتنا بأزواجنا كشيء مفهوم ضمنا.

عندما تغارين أو تغار على الشخص العزيز على قلبك فهذا يذكركم بأنه لن يكون بجانبكم إلى الأبد، وهو الوقت المناسب للتفكير ثانية بمعنى العلاقة بينكما, والنظر إليه أو إليها مرة ثانية من موقع جديد وتقدير الصفات والحسنات التي يتميزون بها وملئ هذا الفراغ.

والمقصود؟
المقصود أن الغيرة بمقدار ما يمكنها أن تنبهنا كي نقدر بعضنا البعض بشكل أكبر بكثير – وتحفزنا من أجل فعل شيء يجعل شريكنا يشعر بأننا جذابون ومحبوبون ومرغوبون. في مثل هذه الحالات فإن للغيرة قيمة تتمثل في التحفيز الجنسي أيضا...

محفز جنسي؟
نعم. هنالك بعض الأزواج الذين يجدون بأن الغيرة تشعل فيهم الحاجة إلى اثبات أنهم أفضل من جميع الآخرين في السرير أيضا لأزواجهم عن طريق مختلف الطرق المنعشة.

الغيرة تشحذ المشاعر وتعزز الأحاسيس – وبهذا تساعدنا على الشعور بالحب والعاطفة وإعادتها إلى ذروتها ,وهو السبب الذي قد يجعل الجنس أكثر متعة وقوة. وفي المحصلة نقول إن الغيرة بمقدار بسيط مدروس يمكنها أن تمثل عاملا إيجابيا في العلاقات بين الأزواج.

ما هي المشكلة إذا؟
المشكلة هي عندما تخرج الغيرة عن نصابها وتتحول إلى غيرة غير عقلانية. وهي المرحلة التي تدمر فيها الغيرة الحب والعلاقات. فالغيرة هي "كالسير على خط رفيع". وفي الحياة الزوجية السليمة يمكن أن تساهم الغيرة في تنشيط وتقوي رباط العلاقة. أما بالنسبة للحياة الزوجية المزعزعة يمكن للغيرة أن تتحول إلى وحش يؤدي في بعض الحالات الصعبة إلى العنف الجسدي.

ما هو القصد بالغيرة التي تخرج عن نصابها؟
مثلا, إذا قمت بلفتة محرجة في حفلة ما لأن شريكتك ترقص مع أحد أصدقائك. أو إذا جن جنون شريكتك لأنه تم تعيين زميلة جديدة شقراء في مكان عملك ...

مثل ردود الفعل هذه من شأنها أن تيقظ التوترات الكبيرة في العلاقة وأن تتسبب لأحد أطراف العلاقة  الشعور بأنه يجب أن يظل حذرا طوال الوقت, من أجل تجنب لفتة غيرة محرجة أخرى. بالإضافة إلى ذلك, الشريك أو الشريكة الغيورين يشعرون بأنهم دائما في قطار هوائي من المشاعر تتراوح ما بين الشعور بالذنب والشعور بالإنصاف الذاتي. وإذا كان هنالك شيئا يفرض نفسه دائما في مثل هذه الحالات فهو التوتر.

هل هنالك خط أحمر؟
بالتأكيد. رفع اليد ,أي العنف الجسدي, هو خط أحمر يستوجب اتخاذ خطوات ما. وفي بعض الأحيان يتطلب التوجه لطلب المساعدة من السلطات. وإلا فقد ينتهي ذلك بأشكال أسوء ! "الغيرة المرضية", يقول أخصائي الأمراض النفسية والمعالج الجنسي تساحي بن تصيون, "هي في بعض الأحيان مرض بكل معنى الكلمة – نوع من الاضطرابات الوسواسية التي يطلق علها اسم 'متلازمة أوثيلو', على اسم بطل مسرحية شكسبير الذي يخنق حبيبته حتى الموت".

وماذا بالنسبة للعنف غير الجسدي, الذي لا يقل صعوبة وإيلاما (العنف الكلامي على سبيل المثال).
في مثل هذه الحالات – إذا كنا نشعر بأن مثل هذه العلاقة تستحق الدخول في حرب من أجلها – فيبدو بأن الوقت قد حان للتوجه لتلقي الاستشارة. وفي حالات أخرى, من الجدير البدء بالتفكير بشكل جدي في مستقبل هذه العلاقة.

إذا كنت تغار/ين – فما العمل؟
إن التغلب على مشاعر الغيرة تتطلب الكثير من الصبر والعمل الشاق, على المستوى الشخصي وعلى مستوى الحياة الزوجية أيضا. إذا كنت تظن أو تظنين بأن مصدر هذه المشاعر هو قضايا لم تحل في طفولتكم, أو مخاوف مختلفة, فمن المرجح أن الاستشارة ستساعدكم.

وفي بعض الأحيان, تشتعل نار الغيرة على خلفية علاقات أضافية فإذا كنت تقيم علاقة حب خارج الحياة الزوجية, فعليك معالجة هذه القضية قبل أن تتمكن من علاج موضوع الغيرة.

تمارين عملية لإطفاء نار الغيرة
إذا كنتم ممن يغارون, فإليكم بعض الأمور التي يمكنها أن تساعدكم
1 .اختبروا أنفسكم:
ركزوا بالعوامل التي تيقظ الغيرة لديكم واسألوا أنفسكم إلى أي مدى تمثل هذه العوامل تهديدا حقيقيا على علاقتكم الزوجية؟ ما هي الشواهد التي تشير إلى أن علاقتكم يتهددها الخطر؟ أم هل أن تصرفاتكم – في الواقع – هي التي (أ) تتسبب بهذا الوضع أصلا, أو (ب) تزيده خطورة؟

2 .استعينوا بالأفكار الإيجابية:
عندما تبدأ أو تبدئين بالشعور بوخزات الغيرة المؤلمة, ذكّروا أنفسكم بأن أزواجكم يكنون لكم الحب! وبأنهم ملتزمون بعلاقتهم بكم! قولوا لأنفسكم – بأنهم في الواقع يشعرون بجميع هذه الأمور تجاهكم لأنكم أشخاص ناجحون للغاية، وهذا هو السبب الذي يحبونكم من أجله.

3 .امنحوا أزواجكم الفرصة كي يشجعوكم:
إن إحدى أفضل الطرق لإخماد نار الغيرة بينما لا تزال في بدايتها هي طلب المساعدة من أزواجكم. ولا يقصد بذلك أن تهينوا أنفسكم وتتحولوا إلى أشخاص لا قيمة لهم ويصعب العيش معهم, ولكن القصد ببساطة هو أن من المسموح ,بل من المفضل أن تشركوا أزواجكم في مخاوفكم ومشاعر عدم الثقة التي تعانون منها. ومن المسموح بل من المفضل أيضا أن تطلبوا منهم المساعدة للتغلب على هذه المشكلة. يدعى ذلك بالنضوج! أخبروهم بما تشعون به ولا تلوموهم على مشاعركم ,لا تقولوا لهم عبارات مثل "تخرجين بهذه الملابس وكأنك خارجة إلى موعد ما"), بل على العكس يجب أن تشاركوهم في حبكم ومخاوفكم من خسارة هذه العلاقة الجميلة معهم.

وإذا كنتم تعيشون مع أشخاص غيورين ما العمل؟
أولا – كل الاحترام لكم لأنكم صامدون. لأن ذلك صعب بالفعل, ويبدو بأنك تحب/تحبين شريكك للغاية! فيما يلي بعض الأساليب الأولية التي يمكنها أن تساعد:

1.غيروا عادات تفكيركم:
تذكروا بأن الغيرة, بالرغم من أنها تكون في بعض الأحيان مزعجة وظالمة, إلا أنها مؤشر على الحب... إذا لم يكن أزواجكم يكنون التقدير لكم, وللعلاقة التي تجمعكم بهم وكل لحظة تقضونها معا, فما كان ذلك ليشكل مشكلة بالنسبة لكم. صحيح؟ المقصود, بدل اتخاذ موقف الدفاع, حاولوا أن تكونوا متفهمين ومساندين وهذا ليس بالأمر السهل.

2.اختبروا أنفسكم:
إذا كان من الواضح لكم أن هنالك بعض التصرفات التي تثير وحش الغيرة لدى أزواجكم, غيروا هذه التصرفات على الأقل إلى حين حل مشكلة الغيرة. من المهم الالتزام بالاتفاقيات التي تتوصلون إليها, ومن جانب آخر من المهم عدم إعطاء وعود لا يمكنكم الالتزام بها, مثلا: أن تردوا على هاتفكم الخلوي طوال الوقت.

3.عززوا ثقة أزواجكم:
هل تحبون أزواجكم؟ إذا لماذا تلتزمون الصمت؟ أخبروهم بذلك! اطروا عليهم, هذا لا يكلف شيئا وهو أمر رائع لتعزيز ثقة الشريك بنفسه. كل واحدة وكل واحد منا يرغب دائما بأن يسمع من الشريك لماذا يريد أن يقضي حياته معه هو فقط. وكم هو رائع في هذا الأمر وفي ذاك. وإذا كنت واثقون للغاية، فتحدثوا عن المستقبل المشترك.

4. تحدثوا عن ذلك:
إن الغيرة المدروسة, وبجرعات بسيطة, يمكنها أن تمثل ملح الحياة الزوجية وتساهم في نجاحها أيضا. لكن المشكلة هي عندما تكون الغيرة قوية للغاية وتخرج عن نصابها. عندما تصل الغيرة إلى هذه الدرجات, فهي تدوس في كثير من الأحيان جميع الأمور الجيدة بطريقها. وقد تكون هذه الأمور في بعض الأحيان العلاقة الرائعة التي بدأت بحب كبير قبل أشهر او سنين.

ما العمل إذن؟
لم أسمع أن أحدا مات بسبب محادثة صريحة مع شريكته/شريكها. ولا يقصد بهذه المحادثة محادثة يشوبها الصراخ, بل محادثة هادئة على فنجان قهوة, في فرصة ملائمة. هذه بالتأكيد يمكن أن تكون خطوة أولى. استمعوا. وأسمعوا أصواتكم. ووفقوا بين توقعاتكم الواحد من الآخر. بدون أن تغضبوا وترفعوا أصواتكم. صحيح أن هذا ليس بالأمر السهل دائما, كما أنه أيضا لا ينجح دائما. في مثل هذه الحالات ربما يجدر بكم تلقي الاستشارة. وربما يمكننا نحن أن نساعدكم.