الربيع الإسرائيلي والصِّدام القادم...!!! 29/3/2023 13:03
الربيع الإسرائيلي والصِّدام القادم...!!! بقلم: زايد صالح خنيفس ستُحيي الدولة العبريّة قريبًا ذكرى ميلادها الــ 75 عامًا، وعلى مدار سنيها لم تشهد شوارعها وميادينها احتجاجات غاضبة كما يجري الآن، ومن الواضح بأن هذا الصّدام حاصل لا محالة، في دولةٍ استوعبت المهاجرين من أوروبا وأفريقيا وآسيا، وكل وافدٍ آتٍ من خلفيّات ثقافية متعدّدة، والدولة العبرية وليس بسرٍّ قادها اليهود الأشكنازيين منذ قيامها وحدّدوا خلال هذه السنين هويّتها. جلست فيها شرائح المتديّنين والحاريديم، محاولين إحقاق مكاسب مستوحاة من تَوراتهم، ومع تَقَدُّم الوقت وتبدُّل الظّروف، نجحت قيادات الدّولة المدنيّة في مغازلة هذه الشّرائح المتديّنة من أجل مصالحها وتعزيز مكانتها السياسيّة. وإذا كانت هذه الشرائح في الماضي تبحث عن مكاسب مادية، باتت اليوم تحاول تحويل الدولة إلى توراتية. مر على قيام هذه الحكومة الأكثر تطرفًا في تاريخ الدولة أربعة أشهر، وضعَت على أجندتها تغيير قوانين الجهاز القضائي وخاصّةً تركيبة انتخاب القضاة في المحكمة العليا، من أجل السيطرة على أهم ركن في الحكم الديموقراطي. لا شكّ بأنّ شيئًا قد تغيَّر في رؤية رئيس هذه الحكومة، فمن موقف مؤيِّد لنزاهة القضاء إلى موقفٍ معادٍ، ولا شكَّ بأن الملفات المتهم بها نتنياهو هي أحد الدوافع الأساسيّة لذلك، ناهيكَ عن الوضع القضائي المعقَّد لحليفه الأول والأقرب أرييه درعي. إن تحرُّك الشارع الإسرائيلي الأخير كان مفاجئًا في حدّة رفضه لمحاولات الانقلاب القضائي، والمفاجئ تفشّي هذا الرّفض في صُلب الأجهزة الأمنية والعسكريّة، وهما العامود الفقري لاستقرار أمن الدولة في شرقٍ يغلي تطرُّفًا، وبعضه يدعو ويؤمن بإبادة الكيان الصهيوني. القشّة التي قصمت ظهر الجمل هي قرار نتنياهو بالإطاحة بوزير دفاعه يوأف جلانت، مضوِّعًا بقراره حكمته بإدارة حكومة بل دولة لا تستطيع تحمُّل زعزعات حادة في ميادينها وشوارعها ومؤسّساتها واقتصادها الذي يعتمد على الصناعة التكنولوجية ذات التقنيّة العالية، بل أكثر من ذلك فإنها تعتمد على ركيزة أمنها الذي يُعتَبَر مقدَّسًا بالنسبة للشّعب الإسرائيلي. السّاعات الأخيرة تتحدّث عن صدام بين الإدارة الأمريكيّة وحكومة نتنياهو الحاليّة، ووصف الوزير بن جفير بأن إسرائيل ليست نجمة إضافيّة في العَلَم الأمريكي. هذه التصريحات تؤدّي إلى فقدان البوصلة في إدارة الدولة والصّدام لم يقتصَر داخليًّا في شوارع تل أبيب والقدّس، بل وصل إلى عواصم العالم، وإسرائيل لا تستطيع العيش في عزلة سياسية، وتنعق غربانها لوحدها. الجماهير العربيّة وضعت نفسها في موقف المتفرِّج، فلا يهمهم هوية قضاة المحكمة العليا، لأن الأخيرين لم ينصفوا قضايا المواطنين العرب الهامّة، وقانون القوميّة وضع للمرة الأولى على المحَك وإسقاطاته باتت واضحة والميادين لم تعُد مشترَكة، وما تعانيه الجماهير العربيّة أصعب من قاضٍ متحفّظ أو متحرِّر. الدولة للأسف لم تعُد ديموقراطيّة ولم تعُد لكل مواطنيها، والمشهد في كل الحالات مرعب، وقيادات المظاهرات ضد هذا الانقلاب القضائي، لم تخطو خطوةً تجاه عرب إسرائيل، وانحسروا ضمن ميادينهم. طاولة الحوار التي فتحها رئيس الدولة قد تفشلُ لأن أجندة الفرقاء بعيدةً والهوَّة شاسعةً في ظلِّ صراعات جوهريَّة على واجهة دولةٍ ولا مفرَّ من إجراء انتخابات سادسة في المرحلة القادمة!!
|