![]() |
![]() |
![]() |
يسوع والمرأة الخاطئة 27/11/2023 7:38
يسوع والمرأة الخاطئة
زهير دعيم
دخلت والأمل يملأ الأرجاء ، والعطر النردينيّ ، يفوح من قارورة جميلة. دخلت وجلست عند قدميّ الخزّاف الأعظم ، مُغبّر القدمين بغبار الجليل والسامرة واليهودية والأودية والتلال. جلست عند أقدامه ، وسكبت الطِّيب الفوّاح ، وقبّلت بشغف أقدام الربّ ، أقدام صانع الحياة ، ومسحته بشعرها ودموعها وأحاسيسها وكأنها تقول " قد لا أكون بعد أيام حين تُعلّق لأجلي بين السماء والأرض ، لذلك ها هي تقدمتي " جلست والدّموع تقول كلّ شيء ؛ تقول : ارحمني ، طهّرني ، غسّلني من الأدران ، ارفعني إلى فوق ، إلى العلاء ولم تتلفّظ ببنت شفة..... ولكنها قالت كلّ شيء. وضحك سمعان الفريسيّ ، ضحك في سرّه ....انّها خاطئة يا يسوع ، يا مُعلّم ، خاطئة. أين حدسك ؟ أين ألوهيتك ؟ أين اللامحدودية عندك ؟ أين قراءة الأفكار قبل أن تحبل بها العقول ؟! وجاء الصّوت مباغتًا هادرا : " يا سمعان عندي شيء أقوله لك". وبُهت سمعان ، كما بهت كلّ سمعان وكلّ بشر ، فهذا السيّد على بيّنة من خواطره وأفكاره . اصمت ايها الفكر الأرعن ، لا تتمادَ أكثر ، انكمش وتقوقع ...صرخ سمعان ، فالسيّد يعرف كلّ شيء ، ويقدر على كلّ شيء !!!....فضحتنا وخرجت ......امرأة جديدة ، ترفل بالطّهارة ، وتميد بالقداسة ، والفرح يأخذ منها مأخذًا ، فيسوع قد غمرها بحنانه ، ومسح دموعها، وعلّق على الخشبة خطاياها... خرجت بقارورة عطر فارغة ، وقلبٍ مُترع ٍ بشذا المحبّة ؛ خرجت شامخةً ، مرفوعة الرأس ، تنظر إلى البعيد .... إلى هناك ...الى الصّليب ....
|